“أحبهم لكني أكرههم”، الصراع الخفي بينك وبين والديك 

woman lying on bed

انت ما تنولد وانت تكره، انت وصلت لهذه الحياة بحب فطري للي منحك الحياة، ومع مرور السنوات تبدأ تحس بمشاعر غريبة عليك تجاه والديك مثل خيبة الظن، غضب، وحده، وممكن كرة. 

انك تقول “انا اكره والدي” ما يعني انك ما تحبهم، بل يعني انك تأذيت منهم بعمق، لانهم ممكن تجاهلوك، قيدوك، ما سمحوا لك تعبر، اهملوك، ما لبوا لك احتياجاتك، أساءوا لك عاطفيا او جسديا. فشعورك بالكراهية غالبا وراه حزن عميق. 

* كلامي عن كرة الوالدين مب للتحريض، بل لتفهم سبب هذا الشعور وتكتشف ما وراء الغضب، وتختار السلام بنفسك 

ليش صعب على الشخص يعترف بكره لوالديه؟ 

  1. الوالدين مصدر الأمان: الطفل يعتبر الوالدين عالمه الكامل ومصدر لبقائه فهو لسنوات طويلة يحصل منهم على الحماية و التغذية و الحب، فيتبرمج عقله ان الاب والام هم مصدر الحب و الأمان. فيحس بصراع داخلي “كيف الاشخاص اللي آخذ منهم الأمان، يكونون هم نفسهم مصدر الالم؟” فالاغلب يختارون ينكرون المهم وغضبهم لأنه يهدد ارتباطهم الغريزي. 
  2. تشعر تلقائيا بالذنب: احساسك بالغضب تجاه والديك يخليك تحكم على نفسك بجمل مثل “أنا عاق”، “أنا شخص سيء”، “أنا ناكر للمعروف” فيتولد عندك الشعور بالذنب لان صار عندك تناقض عاطفي بين مشاعرك و واجبك الأخلاقي. مشاعرك (الغضب أو الكراهية)  تتعارض مع واجبك الأخلاقي (بر الوالدين). 
  3. البر يعني الطاعة المطلقة للوالدين: في مجتمعاتنا استخدمت عبارات لتربية الطفل على الطاعة بدون توازن، وهذه العبارات تحول اي مشاعر غضب طبيعية إلى شعور بالخطأ والذنب مثل “رضا الوالدين من رضا الله”، “الجنة تحت أقدام الأمهات”، عقوق الوالدين أكبر الكبائر”. فصار معنى بر الوالدين انهم مهما فعلوا، انت لازم تسامح و تسكت و تحبهم. 

كيف اتعامل مع مشاعر الكراهية للوالدين؟

  1. اعترف بمشاعر الكراهية: اجلس جلسة صراحة مع نفسك واعترف انك تحمل مشاعر سلبية و مشاعر كراهية تجاه والديك. بعد الاعتراف قل لنفسك هذه المشاعر لا تجعلني شخصا سيئا بل شخص مجروح يحتاج يتشافى من هذه الجروح. 
  2. حدد مشاعرك بدقه:  فكك تشابك المشاعر وحدد بدقه مشاعرك،  اسأل نفسك (هل انا غاضب؟ هل أنا خائف؟ هل أنا حزين؟ هل أنا منزعج من موقف واحد أو من مواقف كثيرة متراكمة؟) حدد في كل موقف ما هي المشاعر الغالبة.
  3. ذكر نفسك أن الإنسان معقد: انت كانسان ممكن تكون معقد من ناحية المشاعر، تشعر بمشاعر متضاربة تجاه نفس الشخص، تحس بالحب و الكراهية في نفس الوقت، تحس بالخوف و الحنين في نفس اللحظة، وهذا يخليك ما تفهم نفسك. والشي الثاني اللي يخليك معقد كأنسان انك تخلط بين الشعور والفكرة، مثلا تقول احس انهم يكرهوني وفي الحقيقة انت تفكر انهم يكرهونك، وكلمة احس تعبر  عن الشعور المكبوت بداخلك مثل الخوف من الرفض، الحزن من الاهمال، او الغضب من  عدم الاهتمام، وهذا الخلط خطير لانه يخلي الشخص يصدق أفكاره على أنها حقائق، وفي الأساس هي مجرد تكهنات. 
  • كيف تميز بين الشعور و الفكرة؟ 

–  تذكر هذه القاعدة:  كل فكرة سلبية أساسها مشاعر  انت مب معترف بها

– طرق تساعدك للتمييز بين الشعور و الفكرة: 

  1. اسأل نفسك: هل اللي اقوله هو شعور أو تفسير لشعور؟ 

مثال: انا احس اني ما استاهل الحب، فاسأل نفسك، هل (ما استاهل الحب) شعور؟ ولا فكرة عن نفسي؟ الجواب بيكون فكرة مب شعور. 

بعدين اسأل: ما هو الشعور الحقيقي لهذه الفكرة؟ الاجابة ممكن تكون انا احس اني حزين و لان الاشخاص اللي ودي انهم يطبطبون حزني مب موجودين حولي او مب مهتمين فيه، فاحس اني ما استاهل الحب. فاجابة هذا السؤال ممكن تعبر عن الحزن، خوف من الرفض، العار، أو الشعور بالوحدة. 

مثال ثاني: احس انه ما يهتم فيه، اسأل نفسك، هل (ما يهتم فيه) شعور؟ ولا هذا  تفسيري لتصرفه؟ الجواب: تفسيرك لتصرفه، مب شعورك الحقيقي 

بعدها أسأل ما هو شعوري الحقيقي؟ الاجابة ممكن تكون أنا أحس بالخذلان لأنه مقصر في سؤاله عني  و مخلني كأني احتياط، فاحس انه ما يهتم فيه. إجابة هذا السؤال ممكن تعبر عن الشعور بالخذلان، الاحتياج، والخوف من الإهمال. 

  1. قائمة المشاعر الحقيقة: اصنع قائمة بأسماء المشاعر اللي غالبا تحس فيها، اكتب أكبر قدر من المشاعر اللي حسيت بها، مثل، خائف، غاضب، فخور، حزين، مشتاق، محرج، مرفوض، متحمس، مرتاح، مصدوم، متشتت، راضٍ، محبط، نادم، مرهق،  .. الخ. 
  • بعدها استحضر الجملة اللي استخدمتها، مثل ( احس انهم ما يحبوني)، إذا ما كانت الكلمة موجودة في القائمة فهي غالبا فكرة أو حكم. 
  1. اطلب المساعدة: المشاعر السلبية تجاه الأهل من أعقد المواضيع النفسية اللي يعلق فيها الأشخاص لسنوات طويلة، فاطلب المساعدة من مختص للتشافى والتحرر منها بدون جلد ذات أو تأنيب. 
  2. غير نوع العلاقة: احيانا التشافي ما يعني انك بتتصالح مع الشخص وترجع علاقتك به طبيعية، ممكن التشافي يكون انك تتقبل الشخص نفس ما هو وتحط له حدود، ولا تنتظر أن يقدملك شي انت ودك فيه وهو ما قدملك اياه.  فتغير نظرتك للعلاقة و تخليها مبنيه على التقبل والاحترام.  

ممكن تكره افعال والديك، و تغضب من قسوتهم، او غيابهم في لحظات كنت بحاجه لهم، لكن وراء هذا الكرة غالبا في حاجة ما تلبت و حب مخنوق ما تقْدر. 

مب عيب انك تحمل مشاعر سلبية تجاه والديك، فلا تخجل منها و تكرة نفسك بسببها، لكن العيب انك تكتمها وتؤذي نفسك بها. 

 وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (سورة الإسراء:23)

هذه الاية تذكرك بأن الإحسان للوالدين ما يعني انك تنكر الألم، بل يعني أنك تعبر بصدق و تسامح اذا قدرت، بدون ما تظلم نفسك أو تظلمهم. والإحسان اللي امرنا به الله ما يلغي مشاعرك، لكنه يحثك تعبر عن مشاعرك برحمة، وتبحث عن التوازن بين واجب البر و حق نفسك في التشافي 

اصنعي الحياة التي تستحقينها

احجزي معي لنجد توازنك

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *