لم يعتذر .. فهل أسامحه؟

ممكن تعتقد أن التسامح يُقدم فقط لمن تأسف و اعتذر، لكن في الحقيقة انك تقدر تسامح حتى لو ما حصلت على إعتذار، لان الانتظار يقيدك في دوامة الغضب. و التسامح لا يعتمد على الطرف الثاني، بل هو خيار شخصي بحت هدفه تحرير النفس من ثقل الألم، فأنت تختار التسامح لنفسك و ليس لأجل من أساء لك.
وفقا لبحث نشر في Journal of counseling & development الأشخاص الذين يسامحون دون انتظار اعتذار، يتمتعون بمستويات أعلى من الصحة النفسية والرضا عن الحياة لأنهم لا يربطون شفائهم الداخلي بتصرفات الآخرين.
كيف أسامح وهو لم يعتذر؟
- أعد تعريف معنى التسامح: التسامح لا يعني انك تأيد اللي صار من الم وتجاوز حدود. التسامح هو قرار انت تتخذه لتتحرر من استمرار الالم في حياتك، لأنك تدرك أن بقاءك في حالة غضب أو كرة بسبب خطأ شخص ثاني، يخليك أنت عالق في دوامة الألم، مب هو
- استوعب أن التسامح فعل داخلي، وليس حدثاً اجتماعيا: رحلة التسامح تمر بمراحل، اولها انك بتعترف بالألم، بعدها بتتقبل أن الماضي لا يتغير، و في النهاية بتختار السلام لنفسك بدل الغضب. وبعد ما تمر بهذه المراحل بتكتشف ان التسامح لا يحتاج الى وجود الطرف الثاني لأنك تقدم التسامح لنفسك، مب له
- أدرك أن التسامح ليس سهلا، لكنه يستحق: انك تسامح بدون ما تحصل على اعتذار غالبا يكون المه اكثر لانه يتعارض مع رغبتك بالعدالة وشفاء غليل الالم. فذكر نفسك انك اخترت التسامح مب لتبرر فعل الطرف الثاني، بل لتحمي نفسك من استمرار تحكم هذا الفعل بك.
كيف تبدأ بالتسامح؟
- عبر عن مشاعرك: سواء بالفضفضة لصديق أو بالكتابة
- تذكر هدفك من التسامح: ذكر نفسك أنك لا تسامح لترضي الآخرين بل لتحرر نفسك
- أفصل بين الشخص المسبب و سلوكه: يعني انت ترفض فعل الشخص وما تقبل فيه مثل الإهانة، الخيانة، الكذب. لكن لا تسمح لنفسك انك تنظر للشخص وتحكم عليه بهذا السلوك فقط
ليش مهم تفصل بين الشخص وسلوكه؟
- لتتجنب ان تكون أسير مشاعر الكراهية: إذا خلطت بين الشخص وسلوكه فبتحس ان مسامحته تعني خيانة لنفسك او تقليل من المك، وهذا الاختيار يخليك سجين لمشاعر الكره و الحقد و الرغبة بالانتقام
- لتركز على التصحيح والتسامح بدل الاتهام: إذا اعتبرت الخطأ يمثل هوية الشخص، فبتشوفه شخص سيء بالكامل وهذا يخليك تركز على لومه، لكن إذا فصلت بين الشخص وسلوكه السلبي فتركيزك بيكون على تصحيح السلوك بالطريقة اللي تناسبك فبتقدر تسامحه بدل اتهامه. الخبير النفسي Fred Luskin مدير مشروع التسامح في جامعة ستانفورد يوضح أن أحد مفاتيح التسامح انك ترى الإنسان ككل، لا كخطأ واحد فقط.
كيف افصل بين الشخص وسلوكه بخطوات عملية؟
- اختر اسم السلوك بدقة: بدل ما تعمم وتقول:
“هو انسان سيء”، قول “رفع صوته علي او تجاهلني في هذا الموقف”
“هو كاذب”، قول “هو كذب في هذا الموقف”
“هو خائن”، قول “هو خان ثقتي بهذا التصرف”
- أفهم اسبابه: .. افهم سبب اختياره لهذا الفعل، واسأل نفسك هل كان خائف؟ جاهل؟ ضعيف؟ تحت ضغط؟. فهمك لاسبابه بيساعدك تمنع تحول الغضب الى قسوة وكراهية
- ارسم حدودك: التسامح لا يعني انك ترجع للشخص أو تثق فيه مره ثانية، بل انك تتعلم من هذه التجربة المؤلمة وترسم الحدود اللي تناسبك في هذه العلاقة.
مثال: صديقتك خانت ثقتك و شاركت شخص سر انتي طلبتي منها انها تكتمة.
ردة الفعل الخاطئة: الحكم عليها بأنها خائنة ولا يمكن الوثوق فيها ابدا، فتختارين قطع العلاقة بشكل نهائي
ردة الفعل الأصح: تعترفين ان صديقتك لم تكن في محل ثقة في هذا الموقف، وهذا التصرف آلامك ومرفوض بالنسبة لك، لكن من المحتمل انها تكون انحطت تحت ضغط و أفشت بالسر. و تذكرين نفسج ان هذه الصديقة كانت جيدة معاك في مواقف كثيرة و تقررين انك ما تحصرين هذه الصديقة في خطأ الخيانة. وفي نفس الوقت بتحولين تجربة الخيانة الي درس تتعلمين منه عدم مشاركة اسرارك.
الاعتذار اللي تنتظره ممكن ما يوصلك، والشخص اللي أساء لك ممكن ما يحس بعمق الجرح اللي تركه فيك، لكن انت مب مضطر تنتظره لتتحرر و تتشافى. تقدر تختار تسامح مب لانه يستحق، بل لانك انت تستحق تتحرر من ثقل الالم و الغضب.
التسامح بدون الحصول على اعتذار، مب ضعف بل شجاعة عظيمة تقول فيها “انا اختار ان اتشافى و اتحرر من الالم، حتى لو لم يعترف الطرف الثاني انه آذاني”
استجابات